شهد الاقتصاد المصري خلال عهد الملك فاروق (1936-1952) تحولات كبيرة ومتناقضة، حيث تميزت تلك الفترة بنمو اقتصادي ملحوظ في بعض القطاعات، بينما عانت أخرى من التدهور والركود. كان الاقتصاد المصري يعتمد بشكل أساسي على الزراعة، وخاصة القطن الذي كان المحصول النقدي الرئيسي للبلاد. ومع ذلك، واجهت مصر تحديات كبيرة بسبب التقلبات في الأسعار العالمية للقطن وتأثيرات الحرب العالمية الثانية. الاقتصادالمصريفيعهدالملكفاروق

النمو الاقتصادي والاستثمارات

شهدت مصر خلال عهد الملك فاروق توسعًا في البنية التحتية والصناعة، حيث تم إنشاء العديد من المصانع والمشاريع الكبرى. كما تم تطوير شبكة السكك الحديدية والطرق، مما ساهم في تحسين حركة التجارة والنقل. بالإضافة إلى ذلك، شهد القطاع المصرفي نموًا ملحوظًا مع تأسيس بنوك جديدة وزيادة الاستثمارات الأجنبية.

ومع ذلك، ظل الاقتصاد يعاني من مشاكل هيكلية، مثل الاعتماد المفرط على الزراعة وعدم تنوع القاعدة الإنتاجية. كما أن الفساد وسوء الإدارة في بعض المؤسسات الحكومية أثر سلبًا على كفاءة الاقتصاد.

تأثير الحرب العالمية الثانية

كان للحرب العالمية الثانية (1939-1945) تأثير كبير على الاقتصاد المصري، حيث تحولت مصر إلى مركز لوجستي مهم للحلفاء. أدى ذلك إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات، مما تسبب في ارتفاع التضخم وارتفاع أسعار المواد الأساسية. وعلى الرغم من أن بعض القطاعات استفادت من هذه الظروف، إلا أن الأزمة الاقتصادية التي تلت الحرب تسببت في معاناة كبيرة للطبقات الفقيرة.

التحديات الاجتماعية والاقتصادية

عانى الاقتصاد المصري من تفاقم الفجوة بين الأغنياء والفقراء خلال هذه الفترة، حيث تركزت الثروة في أيدي عدد قليل من كبار الملاك والطبقة الحاكمة. كما أن نظام الإقطاع الزراعي ساهم في استمرار معاناة الفلاحين، الذين كانوا يعانون من الديون المرتفعة وظروف العمل القاسية.

في النهاية، ساهمت هذه العوامل في زيادة السخط الشعبي، مما مهد الطريق لثورة 1952 التي أطاحت بالملك فاروق وغيرت مسار الاقتصاد المصري بشكل جذري.

الخاتمة

رغم بعض الإنجازات الاقتصادية في عهد الملك فاروق، إلا أن التحديات الهيكلية والفساد وعدم العدالة الاجتماعية أدت إلى تراجع الأداء الاقتصادي. وقد شكلت هذه الفترة مرحلة انتقالية في تاريخ مصر الحديث، حيث مهدت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الطريق لتغييرات سياسية واقتصادية كبرى في العقود التالية.